ماذا لو انقرضت جميع انواع البعوض من العالم

1



وَأَنْتَ تَجْلِسُ بِاِسْتِرْخَاءٍ عَلَى كَرَسَّيْكَ تُحَاوِلُ أَنْ تَحْظَى بِقَلِيلِ مَنِ الْهُدُوءَ، تُسْمَعْ صَوْتَا يَأْتِيَكَ مِنْ بِعِيدِ وَمَنْ ثُمَّ يَقْتَرِبُ هَذَا الصَّوْتَ شَيْئًا فَشَيْئًا لِتَكْتَشِفَ بَعْدَ حِينَ أَنّهَا بَعوضَةٌ، وَمَنّ غَيْر أَنْ تُلَاحِظَ طَبْعَا تَضَعَ أَرَجُلُهَا عَلَى جِلَدِكَ، مِنْ ثُمَّ تَمْتَصَّ بَعْضُ الدِّمَاءِ لِتَجَدُّ نَفْسكَ لَا إرادياً تُحَاوِلَ جَاهِدَا أَبْعَادهَا أَوْ الْقَضَاءَ عَلَيهَا … لَكُنَّ لِلْأَسَفِ الْوَقْتَ قَدْ فَاتَ، وهيقامت بِعَمَلِهَا عَلَى أَتَمَّ وَجْهٌ، وَأَصَابَتْكَ بِبَعْضُ الْكَدْمَاتِ الَّتِي مِنَ الْمُؤَكِّدِ سَوْفَ تَزْعَجُكَ كَثِيرًا ! لِتَتَأَمَّلَ قَلِيلَا مَنْ ثُمَّ تَتَسَاءَلُ مَاذَا لَوْ اِنْقَرَضَتْ جَمِيعَ أَنْوَاع الْبَعوضِ مِنْ هَذَا الْكَوْكَبَ ؟! مَاذَا لَوْ اِمَّحَتْ جَمِيعَ أَسرَابِ الْبَعوضِ وَكَانَ الْعَالِمُ خَاليا تَمَامَا مِنهَا ؟!

فِي الْبِدَايَةِ سَنُقَوِّلُ لَكَ أُنَّ اِنْقِرَاضُ الْبَعوضِ بِشَكْلِ شَامِل يُعَنِّيَ الْقَضَاءُ عَلَى حَوَالِيّ 3500 نَوْعَا مَنِ الْبَعوضَ، وَهَذَا الْعَدَدَ طَبْعًا هُوَ عَدَّدَ أَنْوَاعُ الْبَعوضِ الْمَعْرُوفِينَ لَدَينَا حَاليا، وَمَنّ بَيْن تِلْكَ الْآلَاَفَ مِنْ أَنْوَاع الْبَعوضِ يُوجِدُ حَوَالِيُّ بِضْعَ مئات نُوِّعَ فَقَطْ يُهَاجِمَ الْبُشْرُ وَيَلْدَغُهُمْ، وَمَنّ بَيْنهُمْ ثَلَاثَة أَنْوَاع تَشَكُّل مُخَاطِرٍ عَلَى الْإِنْسَانِ وَهِي الأنوفيليس والكيولكس والايديس وَذَلِكَ عَنْ طَرِيق نَقْل الْأَمْرَاضِ مِثْلُ الْمَلَاَرِيَا وَهُوَ الْمَثَّالُ الْكِلَاَسِيكِيُّ الْمَعْرُوفُ، وَيُمْكِنَنَا إضَافَةُ الْحُمَى الصَّفْرَاءِ، وَحَمَى الضَّنْكُ، وَاِلْتِهَاب الدِّمَاغِ الْيابانِيِّ، وَحَمَى الْوَادِي الْمُتَصَدِّعُ، وَفِيرُوس شيكونغونيا، وَفِيرُوس غَرْبَ النِّيلِ.



إِنْ الْبَعوضُ لَهُ آثَارُ إِيجَابِيَّةُ وَسَلْبِيَّةٌ عَلَى النّظَامِ الْبِيئَِيِّ. إِذَا تَكَلُّمِنَا عَنِ الْجُزْءِ الْمُفِيدِ مِنْ دُورِهِ، فَإِنْ يَرَقَاتُ الْبَعوضِ تُعَيِّشُ فِي الْمِيَاهِ وَتَقَوُّمِ بِتَوْفِيرِ الْغِذَاءِ لِلْأَسْمَاكِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْأُخْرَى، وَالْيَرَقَاتُ أَنَفْسهَا تَأْكَلَ الْمَوَادُّ الْعُضْوِيَّةُ الْمِجْهَرِيَّةُ فِي الْمِيَاهِ، مِمَّا يُسَاعِدُ عَلَى إِعَادَة تَدْويرِهِ، وَالْبَعوضَ الْبَالِغَ يَشْكَلُ جُزْءَا مَنِ النّظَامَ الْغِذَائِيَّ لِبَعْضُ الْحَيَوَانَاتِ آكِلَة الْحَشَرَاتِ، مِثْلُ الطُّيُورِ وَالْخَفَافِيشِ، الْيَعْسُوبَ وَالْعَنَاكِبَ. كَمَا أَنّهَا تُسَاعِدُ عَلَى تَلْقيح بَعْضُ الزُّهورِ، عَنْدَمًا تَسْتَهْلِكَ الرَّحِيقُ.

وَلَكُنَّ الْبَعوضُ أيضاً لَهُ دَوَّرَ مُدَمِّرٌ، فَإِنّهُ يَضُرَّ الْحَيَوَانَاتُ الْأُخْرَى وَذَلِكَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ نَاقِلَا لِلْأَمْرَاضِ مِثْلُ الْمَلَاَرِيَا وَالْحُمَى الصَّفْرَاءِ وَاِلْتِهَاب الدِّمَاغِ وَحُمَى الضَّنْكِ كَمَا قُلُّنَا سَابِقًا. إِنْ الْبَعوضُ لَا يُسَبِّبَ الْأَمْرَاضُ، بَلْ هُوَ يَعْمَلُ كَحَوَامِلِ وَنَاقِلِ لِلْمَرَضِ. إِنّهُمْ يَتَغَذَّوْنَ عَلَى شَخْصٍ أَوْ حَيَوَان يَكُونَ مُصَابَا بِالْفُعُلِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْدَمًا تَلْدَغَ شَخْصَا آخِرُ سَلِيمًا أَوْ حَيَوَانًا فَإِنّهَا تُمَرِّرُ لَهُ هَذَا الْمَرَضَ.



دَعَّنَا نُعَوِّدُ إِلَى مَوْضُوعِنَا الرَّئِيِسيِّ الَّذِي يَتَحَدَّثُ عَنِ اِنْقِرَاض الْبَعوضِ أَوْ الْقَضَاءَ عَلَيهِ بِشَكْلِ كَامِلٍ، وَلِلْإِجَابَةِ عَنْ هَذَا السُّؤَّال سَنَذْهَبُ قَلِيلًا إِلَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ قَامُوا بِدَرَّاسَةِ عَدَد مَنِ الطُّرُقَ الْمُحْتَمَلَةَ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْبَعوضِ، وَاِقْتَرَحُوا مَنّ بَيْن تِلْكَ الطُّرُقَ الْمُحْتَمَلَةَ الطَّرِيقَةَ الْجِينِيَّةَ ؛ حَيْثُ تَقَوُّم هَذِهِ الطَّرِيقَةَ عَلَى جَعَلَ الْبَعوضُ يَنْتِجُ ذَكورَا بِنِسْبَةِ أكَبَرِّ مَنِ الْإِنَاثَ، وَبِاِسْتِمْرَارِ تِلْكَ الْعَمَلِيَّةَ مَعَ كُلُّ جِيل جَديد يَظْهَرُ، وَالَّذِي هُوَ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلَ بِنِسْبَةِ الْغَالِبِيَّةِ ذُكورٌ، فَإِنْ تِلْكَ الْأَنْوَاعَ سَوْفَ تَصَبُّح فِي نِهَايَة الْمَطَافِ ذَاتِيَّةُ الْحَدِّ. أَيُّ ذُكور فَقَطْ وَلَا تَتَكَاثَرُ، مِمَّا يُؤَدِّي فِي النِّهَايَةِ إِلَى اِنْقِرَاضِهَا. وَلِإِنْشَاءِ بِعِوَضَ مُعَدَّلِ وُرَّاثيا اِسْتَخْدَمَ الْبَاحِثُونَ الإنزيم الَّذِي يُؤَثِّرُ عَلَى كرومسوم X خِلَالَ إِنْتَاجِ الْحَيَوَانَاتِ الْمِنَوِيَّةَ.

لَكُنَّ هَلْ هَذَا هُوَ الْحَلُّ بِالْفُعُلِ ؟! إِنْ الْبَعوضُ مَوْجُودٌ وَيُعَيِّشُ عَلَى هَذَا الْكَوْكَب لِأَكْثَرُ مِنْ 100 مِلْيُون سَنَةٍ وَأُصَبِّحُ جُزْءًا هَامَا مِنَ السِّلْسلَةِ الْغِذائِيَّةِ، هَلْ هَذَا هُوَ الْعَمَلُ الصَّحِيحُ ؟! رُبَّما لَا فِي نَظَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ.

حَيْثُ اِتَّضَحَ لِلْعُلَمَاءِ أَنّهُ إِذَا وَجْد طَرِيقَةٍ أَوْ وَسِيلَة لِلْقَضَاءِ عَلَى الْبَعوضِ نِهَائِيًّا فَإِنْ ذَلِكَ سَيُؤَدِّي إِلَى خُلُق غُيَّاب وَاضِح فِي الْبِيئَةِ. دَعَّنَا نَأْخُذُ عَلَى سَبِيل الْمَثَّالِ مِنْطَقَة التندرا فِي الْقُطْبِ الشّمَالِيِّ وَهِي مَوْطِنُ أَنْوَاع الْبَعوضِ مِثْلُ impiger و Aedes و nigripes حَيْثُ أَنَّ الْعَدِيدَ مِنْ أَنْوَاع الْبَعوضِ الْمَوْجُودَةِ هُنَاكَ تُكَوِّنَ وَفِيرَةُ لِلْغَايَةِ وَهِي بُدورُهَا تَوَفُّر الْغِذَاءِ لِلطُّيُورِ الْمُهَاجِرَةِ، فَإِذَا تَمَّ الْقَضَاءُ عَلَى تِلْكَ الْأَنْوَاعَ مِنَ الْبَعوضِ فَإِنْ عَدَّدَا مِنَ الطُّيُورِ فِي تِلْكَ الْمِنْطَقَةَ سَوْفَ يَنْخَفِضُ إِلَى أَكْثَرُ مِنَ النُّصْفِ كَمَا يُقَوِّلَ خَبِيرُ عَلْم الْحَشَرَاتِ برُوس هارِيسُونَ. وَيَتَوَقَّعُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أيضاً أُنَّ مَصِيرَا مُمَاثِلَا يَنْتَظِرَ الْعَدِيدُ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَسْمَاكِ فِي جَمِيعَ أَنْحَاءِ الْعَالِمِ، وَتَحْتَاجَ مُعَظَّمُ الْحَيَوَانَاتِ أَنْ تَتَكَيَّفَ مَعَ النّظَامِ الْغِذَائِيِّ الْجَدِيدِ مِنْ أَجَلْ الْبَقَاءَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ، لَكُنَّ هَذَا السناريو سَيَكُونُ صَعْبَا جِدَا وَبِشَكْلِ خاصِّ لِأَسْمَاكِ مِثْلُ مسكيتوفيش Mosquitofish.

وَتُضَيِّفُ أيضاً عَالِمَةُ الْبِيئَةِ التَّطَوُّرِيَّةِ دَيْنًا فونيسكا دُونَ الْبَعوضِ الْآلَاَفَ مِنَ الْأَنْوَاعِ النَّبَاتِيَّةِ سَوْفَ تَفْقِدُ مَجْمُوعَةُ مِنَ الْمُلَقَّحَاتِ عَنْدَمًا تَسْتَهْلِكَ الرَّحِيقُ.

فِي وَاقِع الْأَمْرِ إذاَ اِخْتَفَى الْبَعوضُ مَنّ الْوُجُودِ، إِنْ الْحَشَرَاتُ وَالْأَسْمَاكُ الَّتِي تَتَغَذَّى عَلَيهَا سَوْفَ تَتَضَاءَلُ وَذَلِكَ يَمَّكُنَّ أَنْ يُسَبِّبَ فِي تَأْثِير مُضَاعِفٍ عَلَى اِمْتِدَاد السِّلْسلَةِ الْغِذائِيَّةِ. إِنْ يَرَقَاتُ الْبَعوضِ مُهِمَّةَ جِدَا فِي الْبِيئَةِ الْمَائِيَّةِ فَالْكَثِيرِ مِنَ الْحَشَرَاتِ الْأُخْرَى وَالْأَسْمَاكَ الصَّغِيرَةَ تَتَغَذَّى عَلَيهَا، وَإِنْ فُقْدَانُ هَذَا الْمُصْدِرَ الْغِذَائِيَّ يُسَبِّبُ فِي اِنْخِفَاض أَعَدَّادِهِمْ كَمَا أَنّهَا تَعُدَّ مُصْدِرَا رَئِيِسيَّا لِلْعَنَاكِبِ والسمندل وَالسُّحالِيُّ وَالضَّفَادِعُ.



لَكُنَّ عَالِمَةُ أَحَيَاءِ الْحَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةَ كاثي مِتْرُونَ تَخْتَلِفُ بِرَأْيِهَا وَتَقَوُّلٍ إِنْ الْبُشْرُ تُبَالِغُ فِي التَّقْديرِ وَأَنْ البراغش فِي الْمِنْطَقَةِ الْقَطِبِيَّةِ الشَّمالِيَّةِ هِي مُصْدِرُ أَكْثَرُ أهَمِّيَّة مَنِ الْمَوَادَّ الْغِذائِيَّةَ، وَيَتَوَقَّعُ أيضاً بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الآخرين أَنّهُ فِي حِينَ أَنَّ بَعْضُ الْحَيَوَانَاتِ سَتُجَوِّعُ فَإِنْ ذَلِكَ لَنْ يُسَبِّبَ كَارِثَةُ وَمُعَظَّمُهُمْ سَيَتَكَيَّفُ فِي نِهَايَة الْمَطَافِ عَلَى فَرِيسَة أُخْرَى وَسَيُشْغَلُ مَكَانُهَا كَائِنَاتُ حَيَّة أُخْرَى بِسَرِعَةٍ وَالْحَيَاةِ سَوْفَ تَسْتَمِرُّ. دُونَ الْأَمْرَاضِ الَّتِي تَنْتَقِلُ عَنْ طَرِيق الْبَعوضِ. الْمَلَاَرِيَا عَلَى سَبِيل الْمَثَّالِ تَقْتُلُ حَوَالِيُّ مِلْيُون شَخْص سَنَوِيًّا وَتَجْعَلُ 246 مِلْيُون شَخْص آخِر مَرِيضُ سَنَوِيًّا.

إن اختفاء البعوض من الوجود سوف ينهي معه إصابة 246 مليون شخص بالمرض سنوياً، وسوف ينهي أيضاً قتل مليون شخص سنوياً على هذا الكوكب، لكن في المقابل عند اختفائه سيقضي على عدد هائل من الطيور والحشرات ومن ثم الأسماك وبعدها الحيوانات وربما في نهاية المطاف سوف يؤثر علينا بطريقة أو بأخرى، فما رأيك هل توافق على القضاء على البعوض المزعج نهائياً.

التعليقات

  1. خلق الله كل شيء بقدر وهو الحكيم الخبير
    لا يوجد في الكون أي شيء عبثي

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظه © توزيع - twzi3